وُلد البروفيسور الشيخ الشريف عبدالعال الإدريسي في ولاية الشمالية بمنطقة ارتقاشا عام 1950م، وعاش طفولته هناك. تلقى تعليمه الأولي والتعليم الديني على يد والده الشريف الحسن الإدريسي، الذي قرر فيما بعد العودة إلى مدينة أم درمان للإشراف على الطريقة في الموردة في جامع الطريقة.
بعد إتمامه المرحلة الثانوية في أم درمان، اختار الراحل دراسة الطب، فتوجه إلى صوفيا العاصمة البلغارية ليدرس الطب ويتخرج منها طبيبًا. عاد إلى السودان في أواخر الثمانينات، وعمل في مستشفيات أم درمان والخرطوم وسوبا.
سافر بعدها إلى فرنسا وحصل على شهادة التخصص، ثم إلى النمسا حيث نال الزمالة، ثم قطع المحيط الأطلسي إلى الولايات المتحدة الأمريكية وحصل على زمالة في تخصص الصرع ورسم المخ.
ساهم البروفيسور عبد العال في افتتاح قسم الطب النفسي بجامعة جوبا، وظل على رأس القسم حتى وفاته. كان يتميز بلبس الجلباب الأبيض والعمامة، وكان دائم الابتسامة رقيقًا دون ضعف، حازمًا دون قسوة، متسامحًا دون تفريط.
تقلد منصب مدير مستشفى التجاني الماحي، وشغل أيضًا منصب رئيس دائرة الطب النفسي. كان كثير التفقد للمستشفيات، يفاجئ الأطباء والمرضى أثناء الليل وحتى في أطراف النهار، كثيرًا ما يأتي إلى قسم الطوارئ في الثالثة صباحًا ليتفقد المرضى والعمل والأطباء. كما كان يعقد سنويًا إفطار رمضان من منزله لمرضى المستشفى والعاملين، وكان يجلس معهم يشاركهم الطعام بتواضع العلماء وصلاح الأولياء.
تميّز الفقيد بعلاقاته الواسعة، وساهم في التعريف بدور الشيخ والطبيب والمرشد في التواصل مع الناس وأثرهم في المجتمع.
في يوم 12 مايو 2005، وُضحى بنعيه الشيخ عبدالرحيم البرعي، وكان مقرّرًا أن يُشيع في الزريبة. وعلى الرغم من أنه لم يتأخر في الاستعداد للمُضي، شاءت الأقدار أن تغادر الطائرة قبله. وحرصه الشديد على حضور مراسم التشييع، استغل هو ومرافقوه سيارة رئاسية مع سائق متوجهين إلى الزريبة. إلا أن إطار السيارة الأمامي انفجر في منطقة الأعوج على طريق كوستي، فانقلبت عدة مرات، وودع فقيدنا الحياة وهو يرفع عينيه للسماء كما نظر إليها لأول مرة عند ولادته.
شهدت مدينة أم درمان في ذلك اليوم حشدًا مهيبًا جمع غفيرًا من المسؤولين والمواطنين والطلاب والدبلوماسيين ورجال الأعمال وأطياف المجتمع كافة، حيث وُري الثرى بجوار والده وأخيه في مدفن الأسرة بمسجد السادة الإدريسية، ولفّ الثوب الأخضر القبر والروضة، ليواجه الجميع فاجعة الألم وسنوات الوجع.
بعد وفاته، تم إطلاق اسمه على عدد من مستشفيات الطب النفسي في البلاد، إضافة إلى مراكز صحية خيرية، تخليدًا لاسمه الذي رسخ في القلوب والعقول.