سياسةمقالات

النهري وعقدة الذنب اسقاط مفاهيمي على عبء الرجل الابيض

عبء الرجل النهري

في سياق التاريخ الاستعماري، ظهر مفهوم “عبء الرجل الأبيض” ليبرر سياسات القوى الاستعمارية في السيطرة على الشعوب الأخرى تحت ذريعة “تمدين” و”تحضير” المجتمعات غير الأوروبية. كان هذا المفهوم يُستخدم لتبرير الاستغلال الاقتصادي والسياسي، حيث اعتبر المستعمرون أنفسهم حماةً للحضارة، بينما كانوا في الواقع يسعون وراء مصالحهم الخاصة.

في السودان، يُستخدم مصطلح “النهري” للإشارة إلى سكان الشمال والوسط، وغالباً ما يُلصق بهم اتهامات بالهيمنة والسيطرة على الموارد والسلطة. هذه الاتهامات، التي يروج لها أصحاب جدلية “المركز والهامش”، تُشبه في جوانبها مفهوم ” النهري وعقدة الذنب”. لكن الحقيقة هي أن النهري لم يكن يوماً مستعمراً أو رجلاً أبيض، بل هو ضحية لتدليسٍ تاريخيٍّ يهدف إلى تشويه صورته وتحميله مسؤولية مشكلات لم يكن هو السبب فيها.

جلابي

الابتزاز السياسي والاقتصادي

النهري، في الواقع، هو من أكثر الفئات التي تضررت من الصراعات والنزاعات في السودان. لقد قدمت مجتمعات الشمال والوسط تنازلات كبيرة تحت وطأة الابتزاز السياسي والاقتصادي، حيث أُجبرت على قبول إعادة توزيع الموارد والسلطة تحت ذريعة تحقيق العدالة. هذه التنازلات لم تؤدِّ إلى تحسين الأوضاع، بل زادت من معاناة هذه المجتمعات التي تجد نفسها محاصرة بين اتهامات باطلة وضغوط مستمرة.

أحد أكبر المخاوف التي تواجه النهري هو الوصم بالعنصرية. في كل مرة يحاول فيها الدفاع عن حقوقه أو المطالبة بحصة عادلة من الموارد، يُتهم بالعنصرية أو الهيمنة. هذا الخوف من الوصم يُستخدم كأداة فعالة للضغط عليه وإجباره على التراجع عن مطالبه المشروعة، مما يعمق من شعور النهري عقدة الذنب ويزيد من تعقيد الوضع.

إلى جانب ذلك، استخدم أصحاب خطاب “المركز والهامش” أدوات العنف مثل التمردات المسلحة، حيث أنتجوا أمراء حربٍ استمروا في تأجيج الصراعات. هؤلاء الأمراء لم يكتفوا بالتمرد، بل سعوا إلى تجيير نفوذهم في الدولة لصالح قبائلهم، مما أدى إلى تفاقم الانقسامات القبلية وزيادة التوترات. هذه الديناميات لم تساهم في تحقيق العدالة أو التنمية، بل زادت من تعقيد المشهد السياسي والاقتصادي في السودان.

اقرا ايضاhttps://nilefree.com/%d8%a3%d9%8a%d9%87%d8%a7-%d8%a7%d9%84%d9%86%d9%87%d8%b1%d9%8a-%d9%84%d8%a7-%d9%8a%d9%85%d9%83%d9%86%d9%83-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%81%d8%a7%d9%88%d8%b6-%d9%85%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d9%86%d9%85%d8%b1-%d8%a5/

التواطؤ

من قبل بعض النخب يُعدّ عاملاً رئيسياً في تعزيز هذا الشعور بالذنب. عندما تتبنى النخب خطاب “المركز والهامش” وتروج له، فإنها تضفي شرعية على الاتهامات الباطلة وتساهم في ترسيخها. هذا التواطؤ يجعل النهري يشعر بأنه محاصر بين مطرقة الاتهامات وسندان التنازلات، دون أن يجد من يدافع عنه أو يوضح الحقائق.

في النهاية، يبدو أن النهري وعقدة الذنب قد وصل إلى نقطة اللاعودة. بعد سنوات من الابتزاز والضغوط، أصبح واضحاً أن الحل الوحيد للخلاص هو الانفصال. النهري الآن يدرك أن الحفاظ على كرامته وحقوقه يتطلب اتخاذ خطوات جريئة، وأن الانفصال قد يكون السبيل الوحيد لتحقيق الاستقلال الحقيقي والعيش بسلام بعيداً عن الاتهامات الباطلة والضغوط المستمرة. إن الانفصال ليس مجرد خيار، بل هو ضرورة لضمان مستقبل آمن ومستقر لمجتمعات الشمال والوسط في السودان.

مرجع https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%86%D8%B8%D8%B1%D9%8A%D8%A9_%D8%B9%D8%A8%D8%A1_%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AC%D9%84_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%A8%D9%8A%D8%B6#:~:text=%D9%86%D8%B8%D8%B1%D9%8A%D8%A9%20%D8%B9%D8%A8%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AC%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%A8%D9%8A%D8%B6%20%28%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%86%D8%AC%D9%84%D9%8A%D8%B2%D9%8A%D8%A9%3A%20White%20man%20burden,%D9%81%D9%86%D8%B4%D8%A3%D8%AA%20%D8%B9%D9%84%D9%89%20%D8%A5%D8%AB%D8%B1%D9%87%D8%A7%20%D9%86%D8%B8%D8%B1%D9%8A%D8%A9%20%D8%AA%D8%A8%D8%B1%D8%B1%20%D9%87%D9%8A%D9%85%D9%86%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AC%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%A8%D9%8A%D8%B6.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى