على ضفاف نيلنا الخالد، حيث يمتزج الفن بالإرث، نستحضر اليوم تحفة فنية حتماً نعود خالدة العطبراوي وفارس على ضفاف النيل تجسد آلام النزوح وقوة الأمل بالعودة. إنها الأنشودة التي جمعت بين كلمات الشاعر الفذ محي الدين فارس، والصوت الأسطوري للفنان الكبير الراحل حسن خليفة العطبراوي. قصيدة هي صرخة في وجه الظلم، ونشيد يتردد عبر الأجيال، مؤكداً أن إرادة الحياة والعودة أقوى من كل قهر. دعونا نتأمل سوياً هذه الكلمات الخالدة التي ما زالت تلهمنا حتى يومنا هذا.
نص الانشودة:
كلمات: محي الدين فارس
أداء: حسن خليفة العطبراوي

وهناك…
أسراب الضحايا النازحون
ملؤوا الطريق
وعيونهم مجروحة الأغوار، ذابلة البريق
يتهامسون…
وسياط سفاح تسوق خطاهمُ
ويغمغمون…
تمشى الملايين الجائعون، مشردون
والمعتدون يقهقهون ويضحكون
يجلجل الصوت الرهيب كأنه الظلم اللعين
وتظل تصخب في الدجى المشؤوم أفواه البنادق والحروب
ما تصنعون؟
جثث وأشلاء ممزقة في كل حين
هل ينظرون؟
والحرب ملتهب يؤج حياله نهد وجيد
هل يسمعون؟
صخب الرعود؟
صخب الملايين يشق أسماع الوجود؟
لا يسمعون!
في اللاشعور حياتهم فكأنهم صم الصخور
وغداً نعود…
حتماً نعود
للقرية الغناء، للكوخ الموشح بالورود
و نسير فوق جماجم الأسياد مرفوعي البنود
و تزغرد الجارات، والأطفال ترقص والصغار
والنخل والصفصاف والسيال زاهية الثمار
وسنابل القمح المنور في الحقول وفي الديار
لا لن نظل مشردين…
حتماً نعود
وتعود أنغام الصباح
حتماً نعود

هكذا يصدح صوت العطبراوي بكلمات فارس، مزيج من الألم العميق والأمل الذي لا يموت. “حتماً نعود” ليست مجرد أنشودة، بل هي وعد يتجدد، وشهادة على صمود الإنسان في وجه أقسى الظروف. تبقى هذه التحفة الفنية منارة تضيء دروب العائدين، وتذكيراً بأن الحق لا بد أن ينتصر، وأن فجر الحرية والانعتاق آتٍ لا محالة.