المقالات

السودان هل آن الأوان لإعادة التفكير في مفهوم الوحدة ؟

في ظل الأزمات المتلاحقة التي تضرب السودان، أصبح من الضروري أن نعيد النظر بجدية في مفهوم الوحدة السودانية. يبرز اليوم سؤال منطقي وجريء: لماذا نتمسك بوحدة مع أقاليم أصبحت عبئاً على الدولة، تستنزف مواردها دون أن تساهم في بنائها أو استقرارها؟

واقع جديد يفرض نفسه

السودان اليوم ليس كما كان بالأمس. إقليم دارفور وأجزاء كبيرة من كردفان خرجت فعلياً من سيطرة الدولة المركزية، وتحولت إلى بؤر دائمة للتمرد والنزاعات. هذه المناطق لم تكن يوماً رافداً حقيقياً للاقتصاد الوطني، بل ظلت لعقود طويلة تستهلك موارد الدولة دون أن تقدم لها شيئاً في المقابل. ومع استمرار النزاعات، من المتوقع أن تظل هذه الأقاليم خارج دائرة التنمية والاستقرار لسنوات طويلة قادمة.

الحقائق الاقتصادية الصارخة

كل المؤشرات الاقتصادية تؤكد أن موارد السودان الحقيقية تتركز في جغرافيا النهر والبحر: الزراعة المروية، الثروة الحيوانية، المعادن، والموانئ. هذه المناطق هي التي تحمل عبء الاقتصاد السوداني، بينما الأقاليم الغربية تظل مستهلكة للموارد، وتستنزف ميزانية الدولة في محاولات حفظ الأمن وإعادة الإعمار دون جدوى.

تكلفة الوحدة الباهظة

الاستمرار في الوحدة بشكلها الحالي يعني المزيد من الضغط الاقتصادي والمالي على المناطق المنتجة. كل يوم يمر، تزداد التكلفة وتتعاظم الأعباء، بينما لا تلوح في الأفق أي بوادر لحل النزاعات أو تحقيق الاستقرار في تلك الأقاليم.

لماذا نموذج الدولتين هو الحل الأمثل؟

في ظل هذا الواقع، يصبح من المنطقي أن نطرح خيار نموذج الدولتين كحل عملي وواقعي. تقسيم السودان إلى دولتين مستقلتين، كل واحدة تدير شؤونها ومواردها بمعزل عن الأخرى، سيحقق عدة فوائد:

  • وقف نزيف الحرب: كل طرف سيتحمل مسؤولية أمنه واستقراره، مما يسرّع من إنهاء النزاعات المسلحة.
  • تنمية حقيقية: المناطق المنتجة ستتمكن من استثمار مواردها في التنمية بدلاً من إنفاقها على الحروب والصراعات.
  • عدالة اقتصادية: كل دولة ستتحمل مسؤولية شعبها واقتصادها، دون تحميل طرف عبء طرف آخر.
  • استقرار سياسي: سيقلل من حدة الصراعات السياسية والهوياتية التي ظلت تعيق بناء الدولة السودانية لعقود.

خاتمة

التمسك بالوحدة لمجرد العاطفة أو الشعارات لم يعد مجدياً في ظل الحقائق على الأرض. نموذج الدولتين هو الحل الأمثل والأسرع لوقف الحرب، وتحقيق الاستقرار والتنمية لكل طرف. لقد آن الأوان لفتح نقاش جاد حول هذا الخيار، ووضع مصلحة المواطنين ومستقبلهم فوق كل اعتبار. فالدول تُبنى على المصالح المشتركة، لا على الأوهام والشعارات.

سوار الذهب النوبي

سوار الذهب, مواطن نهري ، اقتصادي متخصص في الاقتصاد الكلي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى