رموز النهريين

البروفيسور عمر محمد أحمدون بليل

وُلد البروفيسور عمر محمد أحمدون بليل في منطقة تنقسي الجزيرة، حيث بدأ تلقي تعليمه الأولي. عندما حدث فيضان عام 1946 الشهير، وانهارت المدارس بتنقسي، انتقل مع أسرته إثر ذلك، ولحق بوالده الذي كان يعمل في مشروع الجزيرة بمحالج مارنجان.

أتم الراحل بليل دراسته الأولية، ثم التحق بمدرسة مدني الأهلية الوسطى، وبعدها بمدرسة حنتوب الثانوية. ومن الجدير بالذكر أنه لم يدرس الصف الثالث بشكل كامل؛ إذ قضى عطلة الانتقال من الصف الثاني إلى الصف الثالث في دراسة مقررات السنة الثالثة، وعندما فتحت المدارس انتقل مباشرة إلى الصف الرابع. وكان النظام التعليمي في ذلك الوقت يعتمد على أربع سنوات لكل مرحلة دراسية.

جلس البروفيسور بليل لامتحانات الشهادة الثانوية في مدرسة حنتوب التي كانت ذات شهرة واسعة. بعد اجتياز الثانوية بنجاح، التحق بكلية الطب جامعة الخرطوم، وأكمل دراسته في الطب بجد واجتهاد، ثم عمل فترة الامتياز في مستشفى ود مدني.

التحق بعدها كمساعد تدريس بكلية الطب جامعة الخرطوم، حيث بدأ مسيرته الأكاديمية، وتدرج في تخصصه حتى تخصص في الجراحة العامة في بريطانيا. وعاد مرة أخرى إلى إنجلترا للتخصص في الجراحة الدقيقة لجراحة المخ والأعصاب، إلا أنه قبل إكمال دراسته بثلاثة أشهر أصيب بمرض لم يتم تشخيصه هناك. عاد إلى السودان، حيث قابله فريق من الأطباء السودانيين، وتمكن أحدهم من تشخيص المرض بأنه فشل كلوي بدرجة عالية في الكليتين.

عاد بروفيسور بليل إلى بريطانيا، وكان ينتظر تلقي كلية متبرع، ويلحق به شقيقه بابكر الذي تبرع له بكليته رغم تعبه وتمنعه. عاد بروف بليل إلى السودان لفترة قصيرة، ثم رجع مرة أخرى إلى بريطانيا للتخصص في زراعة الكلى، وترك خلفه جراحة المخ والأعصاب التي كان يكمل فيها ثلاثة أشهر فقط.

أكمل بروفيسور بليل تخصصه في جراحة وزراعة الكلى بالولايات المتحدة الأمريكية، ليصبح بذلك أول من يتخصص في هذا المجال خارج الولايات المتحدة وأوروبا، والأول على المستوى العالمي العربي والإسلامي والأفريقي والشرق أوسطي.

بعد عودته إلى السودان، بدأ بروفيسور بليل في التأسيس لزراعة الكلى بالسودان، حيث أُجريت أول عملية زراعة كلى في السودان لشخص كويتي، وحققت العملية نجاحاً باهراً. كان البروفيسور أثناء إجراء العمليات وبعدها يستمع دائماً إلى القرآن الكريم والمدائح النبوية، مما أضاف إلى شخصيته صفاءً روحياً وقوة معنوية.عمل بروفيسور عمر بليل عميداً لكلية الطب بجامعة الخرطوم، ثم مديراً للجامعة، قبل أن يعود إلى الكلية مرة أخرى، ليواصل عطاءه في خدمة الطب والتعليم، حتى توفاه الله تعالى، رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته.


“العلم في سبيل الله عبادة، وخدمة الإنسانية أعلى درجات الإيثار.”

اللهم ارحمه، واغفر له، واسكنه فسيح جناتك بقدر ما قدم لهذا الوطن من علم وخدمة.

سوار الذهب النوبي

سوار الذهب, مواطن نهري ، اقتصادي متخصص في الاقتصاد الكلي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى