ولد جعفر محمد النميري في 1 يناير 1930 بمدينة ود نوباوي بأم درمان. ينتمي النميري لأسرة من قبيلة الدناقلة وواجه طفولة قاسية أثرت في مسيرته السياسية. تولى السلطة في السودان بعد انقلاب عام 1969 وظل شخصية محورية في السياسة السودانية حتى وفاته.
النشأة والتعليم:
نشأ النميري في أسرة بسيطة ، حيث كان والده يعمل كجندي قبل أن يصبح ساعيًا في شركة سيارات. بسبب ضيق الحال، عمل أخوه الأكبر مصطفى لدعم الأسرة، مما أتاح لجعفر فرصة مواصلة تعليمه. درس النميري في مدرسة الهجرة بأم درمان ومدرسة ود مدني الأميرية، ثم التحق بمدرسة حنتوب الثانوية. قرر الانضمام إلى الكلية الحربية السودانية عام 1950 نظرًا للأوضاع المالية الصعبة و رغبته في تقديم الدعم المالي لأسرته.
الصعود العسكري:
خدم النميري في الجيش السوداني بمختلف المواقع شمالًا وجنوبًا. في عام 1955، واجه اتهامًا بالمشاركة في تنظيم انقلاب، و لكن التحقيقات أثبتت براءته. علاقته بالجيش ساعدته في بناء خبرة سياسية وعسكرية أهلته لاحقًا لتولي قيادة الدولة.
الانقلاب واستلام السلطة:
في 25 مايو 1969، قاد النميري انقلابًا عسكريًا ضد النظام الديمقراطي القائم وأعلن استيلاء القوات المسلحة على السلطة. تم تشكيل مجلس قيادة الثورة برئاسته، وأصبح النميري رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع. تميزت حكومته بضمه تكنوقراطًا يحملون مؤهلات علمية كبيرة.

الحكم والتحديات:
شهدت فترة حكم النميري تفجر الحرب الأهلية بين شمال السودان وجنوبه. كانت أولى مراحلها التفاوض والاتفاق، كما تجسد في اتفاقية أديس أبابا في أوائل السبعينيات. أما المرحلة الثانية فتميزت بالاختلاف والمواجهات الدامية حينما جمد النميري تلك الاتفاقية. في عام 1983، قسّم النميري جنوب السودان إلى ثلاث ولايات، مما زاد من حدة التوترات ودفع إلى تمرد قاده جون قرنق والحركة الشعبية لتحرير السودان.
الإنجازات والتحديات الداخلية:
خلال فترة حكمه، حاول النميري تعزيز استقرار السودان من خلال بناء مؤسسات حكومية وتحقيق نمو اقتصادي. ومع ذلك، واجهت حكومته تحديات اقتصادية وسياسية داخلية عديدة، بما في ذلك تضارب المصالح القبلية والسياسية في البلاد.
نهاية الفترة الرئاسية:
برزت الحركة الشعبية لتحرير السودان في عهده كقوة معارضة، مما أدى إلى تصاعد التوتر في جنوب السودان. وشهدت البلاد فصولًا دامية من الحرب الأهلية التي انتهت في النهاية بعزل النميري إثر انتفاضة شعبية في أبريل 1985.
الوفاة:
توفي جعفر محمد النميري في 30 مايو 2009 بعد معاناة طويلة مع المرض، وأقيمت له جنازة رسمية في أم درمان تليق بمكانته التاريخية في السودان.
الخاتمة:
يمثل جعفر النميري فصلًا مهمًا في تاريخ السودان الحديث، حيث كانت فترة حكمه مليئة بالتحديات والصعوبات التي شكلت ملامح السياسة السودانية لسنوات عديدة. يبدو أن إرثه يظل حاضرًا في ذاكرة السودانيين لدوره البارز في تاريخ البلاد السياسي والعسكري.