سجن الساير بأمدرمان: معقل التعذيب والظلم في عهد عبد الله ود تورشين

يعد الساير في عهد عبد الله ود تورشين من أسوأ المعتقلات في تاريخ السودان وللتاريخ الإنساني بصورة عامة. فقد شهد هذا السجن أبشع أنواع التعذيب البدني والنفسي، بالإضافة إلى إجراء التصفيات دون محاكمات أو حتى توجيه تهمة رسمية. في هذا المقال، سنستعرض مكونات سجن الساير من مباني وغرف وزنازين، إلى جانب أساليبه في التعذيب وكيفية التصفيات والتخلص من الجثث داخله، بالإضافة إلى نبذة عن نزلائه وأهم الشخصيات التي سجنت وصُفيت بداخله، استنادًا إلى مراجع ومذكرات تاريخية تتناول تلك الفترة.
أصول التسمية
ترجع تسمية سجن الساير إلى شخصية إدريس الساير، الرجل المعروف من قبيلة الجوامعة. وتروي قصة يرويها شارلز نيوفيلد أن لقب “الساير” نسب إلى حادثة وقعت عند خطوبة إحدى السيدات من القبيلة. أصبح اسم “سجن الساير” رمزًا للظلم والقمع في تلك الحقبة، حيث ارتبط اسمه بالمعاناة التي شهدها السجناء داخله.
وصف سجن الساير ومكوناته
يتكون الساير من غرفة رئيسية تُعرف بـ”العنبر”، بطول ثلاثين قدماً وعرض ثلاثين قدماً، تحتوي على عمود مركزي يبلغ عرضه أربعة أقدام. توجد بعض النوافذ الصغيرة قرب السقف التي لا تكفي لتهوية المكان. يأتي الهواء الوحيد إلى الزنزانة من ناحية البوابة، وتسمى هذه الزنزانة “أم حجير”. يحيط بالعنبر زريبة كبيرة تضم أشجار الشوك، مما يزيد من صعوبة الهروب أو حتى التفكير فيه.
أساليب التعذيب والعقوبات في سجن الساير
يُعتبر الساير معقلًا للتعذيب الوحشي وسيلة لإخضاع النفوس. من أبرز العقوبات الفريدة التي يمارسها السجن:
- الجلد: يُفرض على السجناء عدد جلَدات لا تقل عن عشرة، وقد يصل العدد إلى ألف جلدة في بعض الأحكام. يُضرب الجلد فوق الثياب، حيث تبدأ الجلَدات من الخلف أسفل منطقة العمود الفقري.
- الإعدام بأشكال متعددة: تشمل الشنق، قطع الرأس بالسيف، التطويب، والصلب.
ظروف السجن أثناء المجاعة
في موسم المجاعة الشهير السنة 1306 هجرية، كانت أوضاع السجناء تزداد بؤساً؛ حيث لا يصلهم الغذاء الكافي وتسود حالة من الذعر والصراع على أية لقمة. يصف نيوفيلد أنه كان يُحشر في غرفة صغيرة ثلاثمائة شخص، مما جعل الهياكل الإنسانية تتمايل تحت وطأة الجوع والحرارة المتزايدة.
شخصيات بارزة وأحداث قضائية داخل سجن الساير
توفرت مجموعة كبيرة من الشخصيات الهامة التي سجنت على خلفية النزاعات السياسية والدينية خلال فترة عبد الله ود تورشين، ومن أبرز هؤلاء:
- الخليفة شريف: الرجل الثالث في المهدية بعد المهدي وعبد الله ود تورشين.
- الزاكى طمل: من القيادات البارزة التي انقلبت عليها الأحداث.
خلاصة
يُظهر السجن مدى وحشية نظام القمع والتعذيب الذي مارسته السلطات في فترة عبد الله ود تورشين. تجمع تفاصيل هذا السجن المروعة بين التعذيب البدني والنفسي والعقوبات القاسية، ما جعله رمزاً للظلم وانتهاك كرامة الإنسان. إن دراسة حالة سجن الساير تفتح نافذة لفهم أساليب التعذيب والفساد في تلك الحقبة وكيف استُخدمت المؤسسات القضائية كأدوات للقمع السياسي والديني.
اقرأhttps://nilefree.com/%d8%b5%d8%b1%d8%a7%d8%b9%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%a8%d8%a7%d8%a6%d9%84-%d9%81%d9%8a-%d8%af%d8%a7%d8%b1%d9%81%d9%88%d8%b1/
المراجع
- مذكرات شارلز نيوفيلد حول سجن الساير وأوضاع السجناء.
- مذكرات يوسف ميخائيل مع توثيق أحداث السجن وسير القيادات داخلها.https://www.facebook.com/groups/246379066854126/posts/378597943632237/
مقال جميل يوضح سرد ممتاز و حقيقي للتاريخ في حقبه العنصري التعايشي ضد مكونات شمال ووسط السودان . كل الدعم في مواصلتكم لعرض التاريخ الحقيقي و الاحداث التي شهدتها تلك الفتره