المقالات

الجنرال الكباشي و إعادة هيكلة توازنات القوى في السودان

الفريق أول شمس الدين الكباشي استراتيجية السلاح الانتقائية: أداة للهندسة السياسية

تكشف تصريحات الجنرال الكباشي بشأن نزع سلاح المقاومة الشعبية مع الإبقاء على سلاح حركات دارفور المسلحة عن خطة منهجية لإعادة تشكيل المشهد السياسي والأمني في السودان. يظهر هذا النهج الازدواجي الواضح استراتيجية متعمدة تتجاوز مجرد الإدارة الأمنية للبلاد.

توظيف المنصب لصالح أجندة محددة:

يستغل الكباشي موقعه كنائب للبرهان للعمل على تحقيق مشروع سياسي يمكن وصفه بـ”السودان الجديد”، حيث يسعى لتغيير موازين القوى التقليدية. هذا المشروع يتضمن:

  1. إعادة توزيع النفوذ: من خلال تقوية حركات دارفور المسلحة ومنحها شرعية الاحتفاظ بسلاحها، بينما يدعو لنزع سلاح المقاومات الشعبية في مناطق أخرى.
  2. تكريس الانقسامات الجغرافية: يعزز هذا النهج الانقسام بين مناطق السودان المختلفة، مما يسهل السيطرة على الموارد والسلطة عبر تحالفات محددة.
  3. استخدام الانتماءات القبلية كرافعة سياسية: يبدو أن الكباشي يستثمر في علاقاته وانتماءاته القبلية مع حركات دارفور لتعزيز نفوذه السياسي.

التأثيرات المباشرة للسياسة نزع السلاح الانتقائية:

تهدف استراتيجية الكباشي المزدوجة إلى:

  1. إضعاف مناطق النهر والبحر: من خلال نزع السلاح منها، تصبح هذه المجتمعات أقل قدرة على الدفاع عن مصالحها ومواردها، مما يجعلها أكثر عرضة للتهميش السياسي والاقتصادي.
  2. تمكين الحركات المسلحة: الاستمرار في الاعتراف بشرعية سلاح حركات دارفور يعزز موقفها التفاوضي ويمنحها نفوذاً أكبر في ترتيبات مستقبل السودان.
  3. السيطرة على المناطق الاستراتيجية ومواردها: استهداف مجتمعات معينة بسياسة نزع السلاح يسهل السيطرة على مناطقها ومواردها الاقتصادية.

التناقض الجوهري في الخطاب:

التناقض في تعامل الجنرال مع قضية السلاح يكشف عن ازدواجية مقصودة:

  • ادعاء الأمن العام: يستخدم الكباشي خطاب الأمن العام والحفاظ على استقرار الدولة كمبرر لنزع سلاح المقاومة الشعبية.
  • استثناء الحلفاء: يتجاهل تطبيق نفس المعايير على حركات دارفور رغم تماثل الظروف التي تدفع كلا الطرفين لحمل السلاح.

البُعد الاستراتيجي الأعمق:

يمكن فهم هذه السياسة في سياق المشروع السياسي الأوسع الذي يسعى الكباشي لتحقيقه:

  1. إعادة تشكيل خريطة النفوذ: يبدو أن الهدف النهائي هو إعادة هيكلة توزيع القوة السياسية والعسكرية في السودان بشكل يخدم رؤية محددة للبلاد.
  2. تضييق الفجوة بين السلطة العسكرية والمدنية: من خلال تقوية حلفائه المسلحين وإضعاف خصومه المحتملين، يسعى الكباشي لتأمين نفوذه في أي ترتيبات مستقبلية للحكم.
  3. استباق تحولات ما بعد الصراع: قد تكون هذه السياسة محاولة لوضع الأسس لمرحلة ما بعد الصراع الحالي، بحيث تكون الكتل السكانية والسياسية المدعومة من الكباشي في وضع أقوى.

الاستنتاج:

تعكس تصريحات الكباشي حول نزع سلاح المقاومة الشعبية والإبقاء على سلاح حركات دارفور استراتيجية سياسية متكاملة تهدف إلى إعادة تشكيل المشهد السياسي والأمني في السودان بما يخدم مشروع “السودان الجديد” الذي يتبناه. هذه السياسة تثير تساؤلات جوهرية حول مستقبل التعايش بين مكونات المجتمع السوداني المختلفة، ومدى إمكانية بناء سلام مستدام في ظل هذه المعالجة الانتقائية لقضية السلاح والأمن

سوار الذهب النوبي

سوار الذهب, مواطن نهري ، اقتصادي متخصص في الاقتصاد الكلي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى